المالكي يعتمد التصعيد ضد جلال طالباني والكتل الشيعية تنسحب من البرلمان

الموصل تحت المجهر- بغداد- لؤي مخلف

بالوقت الذي ينتظر العراقيون انفراج الازمة في بلدهم يشهد المشهد السياسي تعقيدا، إذ يظهر فجأة تصعيد مثير يفتح الباب للكتل السياسية لأن تتراشق فيما بينها. فقد اتهم ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي، الرئيس جلال طالباني بالانحياز لقوى سياسية على حساب اخرى بشكل مخالف للدستور وللوحدة الوطنية.. كما تعطلت جلسات البرلمان لمدة ثلاثة أسابيع اثر الفشل المتكرر في التصويت على قرارات مهمة يتقدمها العفو العام ومشاريع البنى التحتية وبعد الانسحابات العديدة لنواب الكتل التي عطلت انعقاد الجلسات.   

بعد يوم شهد تصعيدا حادا لحرب كلامية بين ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من جهة والرئاسة العراقية وائتلافي العراقية والأكراد من جهة اخرى تبادل فيها الجميع اتهامات قاسية عاد النائب ياسين مجيد المقرب من المالكي والقيادي في ائتلافه ليهاجم الرئيس جلال طالباني خلال مؤتمر صحافي في بغداد متهما اياه بالانحياز الى الاكراد والكتلة العراقية اثر بيان للرئاسة رفضت فيه بشدة مهاجمة النائب لرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ووصفه بالدكتاتور الخطير على امن العراق والمنطقة.  

ودعا مجيد طالباني لان يثبت وقوفه على مسافة واحدة من الجميع وعدم زج نفسه في السجالات السياسية  قائلا ” لقد تضمن البيان الصادر عن مكتب رئيس الجمهورية عبارات مستغربة وغير مناسبة جداً وليست لائقة بحق نائب في البرلمان له الحق بادلاء ارائه بكامل حريته الى جانب استخدامه عبارة الدعوة الى الحرب وهي عبارة خطيرة ليست في محلها ولانفهم مقاصد من اصروا على وضعها في البيان الا التهديد بها “. وطالب طالباني بالاشارة الى التحالف الكردستاني والقائمة العراقية اللذين قال انهما تجاوزاً كل الحدود واستخدما أسوأ العبارات ضده وائتلافه.

وقال ان بيان الرئاسة تضمن عبارات مستغربة وغير مناسبة جداً وليست لائقة بحق نائب في البرلمان له الحق بادلاء ارائه بكامل حريته الى جانب استخدامه عبارة الدعوة الى الحرب وهي عبارة خطيرة ليست في محلها ولانفهم مقاصد من اصروا على وضعها في البيان الا التهديد بها. وتساءل قئلا “لماذا التزم رئيس الجمهورية جانب الصمت ولم يصدر بياناً عن مكتبه رداً على دعوات الانفصال او التهديدات المعلنة وغير المعلنة بالحرب التي كانت تصدر من رئيس اقليم كردستان بارزاني ولماذ لم يصدر رئيس الجمهورية بياناً واحداً حول الاتهامات والاهانات الشخصية التي وجهت من الكتل الاخرى لرئيس الوزراء نوري المالكي. واضاف “لماذا التزم رئيس الجمهورية الصمت عن اتهامات نائبه المجرم طارق الهاشمي الذي وصف فيها رئيس السلطة التنفيذية بالارهابي ناهيك عن دعوات الانفصال واقامة الاقاليم الطائفية وهل ان رئيس الجمهورية وافق على هذه الاتهامات ويؤيدها ولايعدها بالطائشة والمستهجنة أننا نستغرب من رئيس الجمهورية اصداره بياناً عوضاً عن رئيس اقليم كردستان وزج نفسه بالسجالات السياسية”.

 ووجه مجيد كلامه لطالباني قائلا “هل ان بيانات الرئاسة لاتصدر الا على اعضاء التحالف الوطني ودولة القانون على وجه الخصوص ؟وهذا مناف للدستور والوحدة الوطنية الذي لايجوز له الانحياز بهذا الشكل الواضح “. وقال “ان “دعمنا لجهود رئيس الجمهورية في الحوار وتقريب وجهات النظر فأننا على يقين بان رئيس اقليم كردستان لن يستجيب لها ونتمنى بان نكون مخطئين في توقعاتنا المبنية على مواقفه المعلنة وغير المعلنة في الداخل وفي الخارج”.

وعلى الفور اتهم النائب خالد شواني القيادي في التحالف الكردستاني ياسين مجيد بمحاولة نسف الجهود الرامية لتحقيق الاجتماع الوطني لحل الازمة السياسية وأعاقة تقريب وجهات النظر بين الكتل السياسية.

وكانت الرئاسة العراقية قالت امس انه “في الوقت الذي ينهمك فيه الرئيس جلال طالباني بتهيئة الاجواء الودية لتطبيع العلاقات وتهدئتها بين القوى السياسية العراقية تمهيداَ لاجراء الحوارات الثنائيه والثلاثيه والجماعية من أجل حل الازمة الراهنة في العراق وفي الوقت الذي قطعت جهود الرئيس خطوات هامة الى الامام يطل علينا السيد ياسين مجيد بتصريحات استفزازية خطيرة تشم منها رائحة الدعوة الى الحرب ضد الرئيس مسعود بارزاني الذي ينشغل الان بتأليف وفد كردي واسع لاستئناف الحوار مع التحالف الوطني وكذلك القوى الاخرى من أجل حل الازمة العراقية بالاساليب الدستورية ووفق الاتفاقات السابقة الموقعة من الجميع”.

 ومن جهته اكد ائتلاف العراقية ان تصريحات مجيد محاولة يائسة لتمزيق وحدة الصف الوطني وقال   إن أبواق بعض الأطراف السياسية تحاول التغطية على فشلها في إدارة الدولة من خلال إطلاق حملة تضليل ظالمة لدق المزيد من الأسافين في الجسد العراقي ضد الطيف السياسي الوطني الذي ناضل ضد الدكتاتورية. اما كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي فقد هاجمت ائتلاف المالكي واتهمته بهدر مليارات الدولارات من المال العام ووصفت اسلوب احد قادته في توجيه الاتهامات لبارزاني باسلوب الانظمة الشمولية في انتقاد معارضيها.

يذكر أن العلاقات بين بغداد وأربيل تشهد أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه بارزاني انتقادات لاذعة وعنيفة إلى المالكي متهما اياه بالدكتاتورية قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية لسحب الثقة عن المالكي بالتعاون مع ائتلاف القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومجموعة من النواب المستقلين .

وجاءت هذه الازمة اثر تصاعد حدة الخلافات بين الكتل السياسية وتحولت من صراع بين ائتلافي العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني أيضاً حيث دأب بارزاني مؤخرا على مهاجمة المالكي واتهامه بالتنصل من الاتفاقات الموقعة بين الكتل السياسية في اربيل اواخر عام 2010 وهي الاتفاقات التي انبثقت عنها الحكومة الحالية اضافة الى تأكيده رفض الاكراد لدكتاتورية جديدة ينشؤها رئيس الوزراء وحزبه من خلال قيادته “جيشا مليونيا”.

 انسحابات الكتل تعطل البرلمان

اضطرت رئاسة مجلس النواب العراقي  اثر تكرار انسحابات نواب الكتل السياسية من جلسات المجلس على مدى الاسبوعين الماضيين وافشال التصويت على مشاريع قوانين تعارضها الى تأجيل اجتماعات البرلمان الى السادس من الشهر المقبل.

وفي هذا الاطار يشير الخبير القانوني طارق حرب الى ان نسبة غياب النواب عن الجلسات لا تقل عن 30% في احسن الاحوال وهذا ما لا تعرفه برلمانات الدول الديمقراطية الامر الذي يتطلب من رئاسة البرلمان دراسة هذه العاهة البرلمانية.

فقد انسحب نواب كتلتي ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والمجلس الاعلى برئاسة عمار الحكيم من جلسة مجلس النواب امس احتجاجا على مشروع قانون المحكمة الاتحادية مما تسبب في حدوث خلل في النصاب القانوني للجلسة حال دون انعقادها. وقال ائتلاف دولة القانون إن انسحابه جاء لعدم تضمين وجود أربعة من فقهاء الشريعة في المحكمة الاتحادية وان يكون لهم الحق في الاعتراض على القوانين التي لها علاقة بثوابت الشريعة الاسلامية.

ومن جهته اوضح النائب المستقل عبد الهادي الحكيم في تصريح تلقته “ايلاف” ان عدم التصويت على تشريع قانون المحكمة الإتحادية العليا وقانون مجلس القضاء الأعلى لم يكن بسبب عدم وجود اتفاق على ما سمي بفيتو فقهاء القانون وخبراء الشريعة الإسلامية فقد تم الاتفاق عليهما من قبل الكتل البرلمانية في آخر اجتماع موسع لممثليها مؤخرا وانما يعود السبب لورود نسخة عرضت للتصويت مختلفة عن النسخة المتفق عليها بين الكتل .

واوضح ان الصيغة الجديدة تشترط أن لا يكون انعقاد المحكمة صحيحا إلاّ بحضور كامل أعضائها ومعنى هذا أن تغيب أي عضو لأي سبب سواء أكان الغياب بسبب سياسي وما أكثر الخلافات الساسية أو غير سياسي سيعطل انعقاد المحكمة .واوضح ان هذا سيعني ان يكون هناك 17 فيتو في المحكمة ، لكل عضو من أعضائها فيتو يتحقق عمليا بغيابه عن الحضور، وعندها تتعطل الأحكام والقرارات وتبقى النزاعات دون حلول في أعلى محكمة عراقية من مهامها الأساسية حل النزاعات في الدولة وهذا تعويق للدولة العراقية وشلل لأوضاعها.

وأشار الى ان التحالف الوطني مستعد للتصويت على قانون المحكمة الاتحادية وفق الصيغة المتفق عليها بين الكتل وهو أن يكون انعقاد المحكمة صحيحا بحضور ثلثي عدد أعضائها أسوة بالعديد من المحاكم الاتحادية في دول العالم المختلفة.

 

وعلى مدى الاسبوعين الماضيين ادرجت رئاسة البرلمان التصويت على قانوني مشاريع البنى التحتية والعفو العام لكن الانسحابات المتكررة لنواب العراقية والتحالف الكردستاني لاعتراضهما على القانون الاول وانسحاب ائتلاف دولة القانون على القانون الثاني افشل التصويت عليهما لعشر مرات.

ويقول ائتلاف المالكي انه يعارض مشروع العفو العام لانه يتضمن مواد ستؤدي الى اطلاق سراح ارهابيين ومرتكبي جرائم مما سيربك الوضع الامني مجددا.. فيما تعارض العراقية والاكراد مشروع البنى التحتية بالدفع الاجل لانهما تقولان انه سيؤدي الى فساد ويرهن ثروات العراق النفطية للشركات المنفذة لمشاريعه.

ولكل ذلك فقد اضطرت رئاسة البرلمان الى رفع الجلسات الى السادس من الشهر المقبل مع بقاء هذه القوانين المهمة مؤجلة فيما تتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية مما اثار تشاؤما بامكانية تشريعها حتى حين يلتئم المجلس مرة اخرى بعد ثلاثة اسابيع.

هذا المنشور نشر في Uncategorized. حفظ الرابط الثابت.